مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر الليبي خطوة بالاتجاه الصحيح

 

وافقت الحكومة الليبية المؤقتة على مشروع قانون مكافحة  الاتجار بالبشر، وأحيل الى البرلمان الليبي لتشريعه ومما لا شك فيه ان ليبيا تعد من البلدان التي تعاني من مختلف صور واشكال هذه الجريمة مثل تهريب الأطفال والهجرة غير الشرعية وبيع الأعضاء البشرية واستغلال النساء والأطفال وغيرها.. وان هنالك حاجة فعلية لتبني تشريع  يهدف الى مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر والحد منها لتنظم ليبيا لقائمة دول الجوار الإقليمي من الدول العربية وغير العربية ممن تبنت هكذا تشريع وإذ تبارك منظمتنا هذه الخطوة وتدعم كافة الجهود المحلية والدولية التي تدعم انجاز العملية التشريعية لهذا القانون فأنها وفي سبيل التعريف بمواطن الضعف والقوة للتشريع المقترح بالقدر الذي يؤمن الراي والمشورة لأعضاء الهيئة التشريعية الليبية خلال المناقشات المستقبلية لنصوص المشروع تضع بين ايدي السلطات الليبية وممثلي المجتمع المدني الضاغط لتبني هذا القانون رؤيتها المهنية من خلال تسليط الضوء على النقاط الإيجابية للتشريع او الفقرات التي اغفلها او تلك التي تستلزم التعديل او الإضافة .

يشتمل مشروع القانون الليبي على 30 مادة موزعة في  ستة فصول تتضمن التسمية والتعاريف ونطاق السريان، والولاية القضائية ,التجريم والعقاب، مسؤولية الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، حماية الضحايا وقد لوحظ ان المشروع المقترح قد اخذ  بأفضل الممارسات والتطورات التشريعية والقانونية التي وصلت اليها الكثير من الدول والمنظمات العربية والإقليمية والدولية في سبيل مكافحة هذه الجرائم. كما وتضمن  مشروع القانون على نصوص ومواد تضمنت تجريم صور واشكال الاتجار بالبشر، وكذا أفعال الاستغلال و الشروع والاشتراك في ارتكاب هذه الجرائم، وتجريم أفعال المشاركة في عصابة او جماعة إجرامية منظمة في ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر وغيرها.

كما تضمنت نصوصه عقوبات رادعة لهذه الجرائم، ومسؤولية الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية عن نقل الأشخاص المتاجر بهم عبر الحدود مع إيلاء اهتمام خاص بمسائل حماية ضحايا الاتجار وضمان حقوقهم مع الية فعالة لتمويل انشط الحماية والمؤسسات القائمة عليها .

ووفقا لمشروع القانون يتم انشاء لجنة وطنية يمنية لمكافحة الاتجار بالبشر تتكون من الجهات المختصة ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء، وتتولى عدد من المهام والاختصاصات المحددة وتعمل على وضع سياسات عامة لمنع الاتجار بالبشر وحماية الضحايا والتنسيق مع مختلف الجهات الوطنية والإقليمية والدولية في هذا الشأن.

وندرج في ادناه الملاحظات الإيجابية عن المسودة المقترحة :-

التعاريف : لقد كان المشرع الليبي موفقاً في تبني تعريف للجريمة المنظمة عبر الوطنية والجماعة الاجرامية المنظمة  هو التعريف الدولي الذي اعتمدته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (باليرمو) إيطاليا لسنة 2000 ,  (م1 من المشروع ) . وكذا هو الحال بالنسبة للتعريف الذي تبناه لجريمة الاتجار بالبشر والذي جاء متوافقاً مع التعريف الذي أورده البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بقرار الجمعية العامة في ١٥ نوفمبر – ٢٠٠٠ بموجب القرار المرقم 55 / 25 في المادة الثالثة منه ( م2 من المشروع )

مبدأ عدم الاعتداد برضا الضحية او وليه : لقد كان المشرع موفقاً في تبني نص المادة 3  في اهدار رضا الضحية او وليه كمنفذ للتخفيف من العقوبة او الإفلات منها وعضدت بما تضمنته نص المادة 4 من المشروع  بالنص صراحة على مراعاة أي نصوص أو قوانين تشدد العقوبة  اذ قد تقترن الجريمة بجرائم أخرى، مثل الاستغلال الجنسي  او غيرها .

التجريم  والعقوبة : لقد كان المشرع الليبي والى حد بعيد متوافقاً مع المعايير الدولية وموفقاً في  توصيف الأفعال الجنائية الأساسية التي تُعتبر أساساً تقوم عليه جرائم الاتّجار ,الاحكام الخاصة بالاتّجار تحديداً ,  الظروف المشدِّدة للعقوبة , العفو  , الأفعال الجُرمية التبعيّة والأفعال الجُرمية  ذات الصلة بالاتّجار بالبشر , الاشتراك في الجُرم  , تنظيم أو توجيه ارتكاب جُرم ,الشروع في المواد ( م 5 , م 6, م 7, م8, م9, م 10, م 16 )

مسؤولية الأشخاص الاعتباريين : أورد المشروع توصيفاً دقيقاً لمسؤولية الأشخاص المعنويين في حال انخرط احد متولي الإدارة او العاملين لجرم الاتجار بالبشر وقد كانت معالجة المشرع الليبي متوافقة مع الممارسات المعتمدة دولياً في تحديد هذه المسؤولية والجزاءات او العقوبات المقررة ( م 11)

الإجراءات الوقائية :عالج المشرع الليبي موضوعة الإجراءات الوقائية التي تمنع او تسهل القبض على الجناة سواء من خلال التدقيق او الاخبار عن الجريمة بشكل متوافق مع ما يقرره البروتوكول الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بقرار الجمعية العامة في ١٥ نوفمبر – ٢٠٠٠ بموجب القرار المرقم 55 / 25. ( م 12, م 13)

عدم انقضاء الدعوى الجنائية : حسن فعل لمشرع الليبي في تبنيه مبدأ عدم انقضاء الدعوى الجزائية في جريمة الاتجار بالبشر وهو نهج متوافق مع المعايير الدولية (م 14)

الاختصاص القانوني والولاية القضائية : توسع المشرع الليبي إيجابا في مد الولاية القانونية والقضائية لسلطاته بان قرر لنفسه الولاية في حال كان احد اطراف الدعوة ليبياً او أي من أنشطة الجريمة في مراحلها كافة قد وقعت في ليبيا او ان المنظمة الاجرامية استهدفت مصالح ليبيا ومواطنيها او المقيمين على ترابها وهو ما يعد من إيجابيات التشريع . ( م 17, م 18, م 19, م 20, م 21)

مبدأ عدم المسؤولية , الاعفاء وعدم المعاقبة, عدم الملاحقة القضائية فيما يخصّ ضحايا الاتّجار بالأشخاص : عالج المشروع في مواد متعددة هذا المبدأ وقد كانت هذه المعالجة متوافقة بشكل كامل مع المعايير الدولية من خلال الإقرار بعدم مسؤولية الضحية جنائياً  او مدنياً عن أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر متى نشأت او ارتبطت مباشرة بكونه مجنياً عليه, واكثر من ذلك اعفى المشرع المجني عليه من العقوبات المقررة عن مخالفته لقوانين الهجرة والإقامة متى نشأت او ارتبطت مباشرة بكونه ضحية لجريمة الاتجار بالبشر (م22)

مبدأ الحماية  والمساعدة للضحايا :  عالج المشروع في مواده عدة  هذا المبدأ وقد تضمنت هذه المعالجة بتوافقها مع المعايير الدولية احتراماً لمبدأ الحماية والمساعدة والذي تتشارك الوفاء به مؤسسات الدولة الليبية  ومنظمات المجتمع المدني  من خلال  عرض المساعدة والمشورة القانونية والمعلومات الارشادية للضحايا والرعاية الصحية و الاتصال بعوائلهم ان وجدت أو الدولة التي يحملون جنسيتها والحماية اللازمة للضحايا والشهود مع الحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بالضحايا واحترام خصوصياتهم وصون كرامتهم .والمساعدة المالية وتوفير مكان إيواء مؤقت لسكنهم ناهيك عن إعادة تأهيلهم من النواحي الاجتماعية والنفسية والبدنية  بغية إعادة ادماجهم  في المجتمع وتوفير فرص العمل والتدريب والتعليم  او الإعادة الى بلدانهم وتسهيل ترحيلهم . كما قرر لهم إعفاءات من الرسوم القضائية عند التقاضي في الدعاوى المدنية للحصول على التعويض عن جريمة الاتجار بالبشر  ( م 23 , م 24 , م 25  , م28)

تامين الموارد المالية للبرامج والأنشطة المتعلقة بالضحايا: تبنى المشروع انشاء صندوق يمول من مبالغ الغرامات ومن قيمة الأموال العينية ووسائل النقل المصادرة يخصص لتمويل برامج دعم ومساعدة الضحايا وهي خطوة إيجابية  تحسب للمشروع المقترح .( م 26)

الية التنسيق الوطني : تناغم المشرع الليبي في تبنيه تشكيل اللجنة الوطنية  لمكافحة الاتجار بالبشر مع المعايير الدولية وقد أورد لهذه اللجنة تمثيلاً متعدد و مهاماً وواجبات كانت في مجملها متوافقة مع ما اقرته تلك المعايير  (م 27) .

الملاحظات والتوصيات

 

اغفل المشرع الليبي في المشروع المقترح ذكراً لنصوص تعالج وضع برامج تدريبية لموظفي أجهزة الشرطة وسلطات الهجرة وشؤون العمل، وسائر الموظفين الرسميين المعنيين، وموظفي القضاء، والمرشدين الاجتماعيين، وغيرهم من الاختصاصيين المهنيين المعنيين، والشركاء في المجتمع المدني ليغدوا منسجما مع ما تقرره الفقرة 2 من المادة 10 من البروتوكول والتي  تلزِم الدولَ الأطراف بأن توفّر أو تعزّز تدريب موظفي إنفاذ القانون وموظفي الهجرة  وغيرهم من الموظفين المختصين المعنيين، بمن فيهم الموظفون المسؤولون عن شؤون العمل، على منع الاتّجار بالأشخاص، وبأن تشجّع على التعاون مع المنظمات غير الحكومية، إدراكاً لحاجة الهيئات التابعة للدول إلى التعاون معاً وكذلك مع المنظمات الحكومية الدولية. وفيما يخصّ الأطفال من الضحايا والشهود، فإن من المهم تهيئة التدريب الوافي بالغرض، واختيار الموظفين المناسبين، ووضع الإجراءات اللازمة، من أجل توفير الحماية للضحايا الأطفال والشهود، وتلبية الاحتياجات المعيّنة الخاصة بهم ,لأن طبيعة الإيذاء للضحايا تؤثّر في الأطفال على نحو مختلف عن غيرهم، ومن ذلك مثلاً الاعتداء الجنسي على الأطفال، وبخاصة الفتيات .

 نوصي كذلك المشرع الليبي بتعزيز المشروع المقترح بالية وطنية للرصد والابلاغ من خلال تبني استحداث منصب المقرر الوطني الذي يجب ان يتمتّع المقرِّر  بوضع مستقل، وأن يُسند إليه تكليف واضح، وأن يكون لديه الصلاحية الملائمة لاستعمال سبل الاتصال الخاصة بالوصول إلى البيانات والعمل الحثيث على جمعها من كل الهيئات المعنية، بما في ذلك أجهزة إنفاذ القانون، والسعي الناشط إلى الحصول على المعلومات من المنظمات غير الحكومية. ويجب أن يكون التكليف بجمع المعلومات متميّزاً بوضوح عن المهام التنفيذية أو العملياتية أو مهام التنسيق بين السياسات العامة، والتي ينبغي أن تقوم بها هيئات أخرى. وينبغي أن تكون له الصلاحية أيضاً للرجوع مباشرةً إلى الحكومة أو مجلس النوّاب ) البرلمان ( أو كليهما لرفع تقاريره وتوصياته إليهما بشأن تطوير السياسات العامة وخطط العمل الوطنية، وإنْ لم تكن الهيئة التي يتولاّها هي نفسها من هيئات تقرير السياسات العامة.

ختاما تبدي منظمتنا مبادرون لحقوق الانسان والديمقراطية استعدادها الدائم لدعم الجهود الليبي في سبيل إقرار هذا القانون ناهيك عن دعم البرامج والأنشطة لأعداد بيئة مثالية لتطبيق القانون من خلال برامج تدريب تخصصية تستهدف العاملين على تطبيقه بمشاركة لأعضاء المجتمع المدني الليبي

IOHRD

16-01-2018

Read the English

Libya Human Trafficking Bill is a Great Step Toward the Right Way

مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر الليبي 

Facebook Comments Box