جولة جديدة في ساحة الدفاع عن حقوق الانسان العراقي ، امام المحكمة الاتحادية هذه المرة .

المادة ٢٢٦ ق ع سيف مسلط على رقاب النشطاء والمدافعين

٥-٩-٢٠٢١

كنا قد نشرنا سابقاً بياناً عبرنا فيه عن موقفنا الداعم للنشطاء والمدافعين في العراق وهم يواجهون اوضاعاً صعبة فالى جانب عمليات الاغتيال والتهديد نهجت السلطات العراقية الى استخدام التشريعات الجزائية بشكل منهجي وعلى وجه الخصوص المادة 226 من قانون العقوبات العراقي لتكون سيفاً مسلطاً على رقاب النشطاء والمدافعين والصحفيين في العراق ممن يمارسون أعمال الرصد والمراقبة والانتقاد لأوضاع حقوق الأنسان في العراق ، في اطار انتقادهم لأعمال سلطات الدولة العراقية والانتهاكات التي ترتكب.

وقد اكدنا على عدم جواز استخدام تلك القوانين لحماية أفكار ومفاهيم نظرية أو غير موضوعية فالقانون لا يحمي تلك المفاهيم و المؤسسات التي تخضع للفحص أو التعليق أو النقد وان الإمعان في هذا النهج سيؤدي بالنتيجة الى تقويض الحق في التعبير عن الراي في العراق.

اليوم وفي موقف مسؤول تنادى مجموعة من النشطاء لاقامة دعواهم في الطعن بعدم الدستورية للمادة ٢٢٦ ق ع امام المحكمة الاتحادية ، كلنا امل ان يكون لهذه المحكمة موقفاً مهنياً مناصراً للقانون في المقام الاول ولحرية التعبير عن الراي في العراق فعلاً وليس قولاً .

نص عريضة الدعوى

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا المحترمون…
المدعون:-
1-رحيم حسن جريو العكيلي- قاضي متقاعد/ وكيله المحامي حسين حادي دعير .
2-جاسم محمد سهراب الحلفي/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي .
3-سعدون محسن ضمد./اعلامي.
4-قيس حسن بريسم/اعلامي.
5-علي بخت لفتة /ناشط مدني.
6-منظمة افق للتنمية البشرية.يملثها السيد علي بخت لفتة رئيس مجلس الادارة.
7-منظمة المنقذ لحقوق الانسان/يملثلها المخول هادي محمد نجم.
8-بشرى سلمان حسين.
9-احمد صادق حسين./ وكيل التسلسلات من 2 -9 المحامي شوكت سامي فاضل السامرائي.
المدعى عليه:-
مجلس النواب/ يمثله رئيس مجلس النواب/اضافة لوظيفته.
جهة الدعوى:-
تنتهك المادة 226 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل -التي تجرم كل من(اهان باحدى طرق العلانية مجلس الامة او الحكومة او المحاكم او القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية او السلطات العامة او المصالح او الدوائر الرسمية او شبه الرسمية.)-احكام المادة 38 من الدستور التي كفلت حرية التعبير وحريات االصحافة والطباعة والاعلام والنشر،كما تنتهك حرية الاحتجاج والتظاهر السلمي ،وفق الاسانيد الاتية:-
اولا:-استعمال النص للفظ مرن وفضفاض هو(اهان)كركن مادي للجريمة مما يجعلها مهددة لحرية التعبير:-
1-ان المادة المطعون فيها تستعمل لفظا مرنا- لا يمكن ضبط معناه- كركن مادي للجريمة،هو لفظ(اهان)،مما يعد تهديدا خطيرا لحرية التعبير وحريات الصحافة والنشر والاعلام،فهو يمكن ان يشمل اي انتقاد او اي تعبير عن سخط ضد السلطات ومؤسسات الدولة.اذ لا يمكن اعطاء معني منضبط لهذا اللفظ مما يجعل استعماله مخالف لاصول التشريع العقابي التي توجب استعمال الفاظ تجريمية قاطعة الدلالة،غير مرنة،وغير قابلة للاجتهاد،لان النصوص التجريمية تشكل اخطر تهديد للحريات التي يكفلها الدستور كحرية التعبير وتطعن الحريات الدستورية في الصميم عمليا.
ان المعيار في تحديد كون النص القانوني يعتبر تهديدا لحرية التعبير هو:- هل انه يرهب الناس او يخيفهم فيترددوا في استعمال حقهم في تلك الحرية،فيكون منتهكا لتلك الحرية،وحيث ان نص المادة 226 من قانون العقوبات يرهب المعبرين عن ارائهم ويخيفهم مما يجعلهم مترددين ازاء استخدامهم لحريتهم في التعبير عن ارائهم لذا يكون مخالف للدستور،لانه يعطل اهم الحريات الواردة فيه.
2-ان استعمال لفظ تجريمي مرن وواسع وفضفاض(اهان)يقيد الحرية الدستورية في التعبير،لانه يتيح المجال لاعتبار اشكالا كثيرة من صور التعبير عن الرأي- المضمون دستوريا- مجرم،ويعرض المعبرين عن ارائهم للعقاب،،فهو يجرم طائفة كبيرة جدا من العبارات مما يجعلها نص مقيد للحريات الدستورية ومهدد لها.
3-ان النص العقابي المطعون فيه من خلال استعماله لفظ(اهان)يوفر حماية للفشل والفساد في مفاصل الدولة من الانتقاد واعلان السخط الشعبي بحجة اهانتها،رغم ان القانون الدولي لحقوق الانسان يحمي التعبير الصادم والمسئ للسلطات كاحد واهم اركان حرية التعبير والنشر والاعلام.
ثانيا:-تجريم القانون للسب والقذف يغني عن تجريم اخر بلفظ(اهان):-
ان قانون العقوبات يجرم السب والشتم والقذف في المواد 433 و434 و435 منه،وهي الفاظ يمكن ان تعد خارج اطار حرية التعبير في ضوء ثقافة المجتمع،فلم يبق -مع تجريم القذف والسب والشتم بنصوص خاصة-اي مبرر لتجريم(اهانة)السلطات والمؤسسات العامة،فما الذي يريد المشرع تجريمه من التجريم بلفظ(اهان في المادة 226)وهو يجرم السب والشتم في مواد اخرى؟
ان اخراج السب والشتم والقذف من لفظ (اهان)لانها مجرمة في مواد اخرى،يجعل المادة226 مادة تجرم حرية التعبير وتقيدها بشكل غير منصف وغير عادل خلافا للدستور والمعايير الدولية لحقوق الانسان.
ان تجريم(اهان)الى جانب السب والشتم والقذف،فأنه يعني تجريم طائفة عريضة جدا من العبارات والالفاظ-غير السب والشتم والقذف-مما يجعل تجريم اهان تكميم للافواه وتقييد مبالغ به لحرية التعبير ولحريات الصحافة والنشر والطباعة والاعلام.
ثالثا:-موقف القانون الدولي الانساني من شتم السلطات:-
اجابت منظمة العفو الدولية في احدى منشوراتها الشهيرة عن سؤال(هل شتم السلطات غير قانوني )بقولها:- (القانون الدولي لحقوق الانسان يحمي الحق في حرية التعبير بما في ذلك التعبير الصادم والمسئ للسلطات،طالما لا يحث على التمييز على اساس العرق،الجندر،الطبقة،وسواها،ولايدعو الى العنف بحق فئة اجتماعية معينة،او يحفز الاعمال العنفية بشكل عام) انتهى الاقتباس من كلام منظمة العفو الدولية.
لذلك فأن اهانة السلطات وفقا للقانون الدولي الانساني او شتمها او التعبير المسئ لها يعد من الحقوق والحريات المكفولة بموجب حرية التعبير ولا يخرج عن اطارها ،ولا يجوز للمشرع بالتالي تجريمها،لان في تقييدها طعن في جوهر حرية التعبير.
رابعا:-الاهانة لا تقع على الاشخاص المعنوية العامة التي جرمت المادة226 اهانتها لانها اشخاص قانونية لاوجود حقيقي لها:-
ان المادة 226 ق.ع جرمت افعال الاهانة اذا ما وقعت على:-(مجلس الامة او الحكومة او المحاكم او القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية او السلطات العامة او المصالح او الدوائر الرسمية او شبه الرسمية).
وهذه كلها اشخاص معنوية عامة،والشخص المعنوي شخص قانوني افترضي لا وجود حقيقي له،فلا يشعر بالاهانة،وبالتالي لا يمكن ان تقع عليه الاهانة،لذلك استقر قضاء محكمة التمييز الاتحادية في الجانب المدني بعدم الحكم بتعويض للشخص المعنوي عن الاهانة لانه لا يشعر بالالم ولا بالاهانة. اذ قضت محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 2453 / الهيئة الاستئنافية / 2017 اذ تقول 😞 ان حق المطالبة بالتعويض المعنوي يكون للاشخاص الطبيعية وليس للاشخاص المعنوية اذ ان الشخص المعنوي يتمتع بجميع الحقوق الا ما كان منها ملازما لصفة الشخص الطبيعي في الحدود التي يقررها القانون).
فالمادة 226 المطعون بها تجرم ما لا يمكن تجريمه،لان الاهانة لا تقع على الاشخاص المعنوية،ولا تمسها لعدم وجود مشاعر لها.
خامسا:-استخدام المادة 226 واخواتها في قمع الشعب وقت النظام الصدامي البائد مما يؤكد انها وسيلة سلطوية لقمع الشعب:-
ان المادة 226 ومثلها مواد(اهان) الاخرى 225 و227 و229 من قانون العقوبات استخدمت في ظل النظام السابق لمعاقبة المعبرين عن ارائهم والساخطين ضد ظلم السلطات واصحاب الرأي المعارض،مما يعد مؤشرا واقعيا على ان تلك المواد0بضمنها المادة المطعون فيها)سيف مسلطة على رقاب المعبرين عن ارائهم،واداة بالغة الخطورة يمكن استخدامها لتكميم الافواه ومنع الناس من التعبير عن رأيهم بالسلطات وانتقادها.
سادسا:- قسوة العقوبة في المادة المطعون فيها:-
تصل العقوبة في المادة 226 ق.ع للسجن لمدة سبع سنوات!!! وهي عقوبة بالغة القسوة،وهي تخالف المعايير الدولية لحماية حرية التعبير التي تمنع العقوبات المقيدة للحرية في جرائم الكلام والنشر،من اجل حماية حرية التعبير والاعلام والنشر، وعدم ترهيب المعبرين عن ارائهم من خلال تهديدهم بعقوبة قاسية تصل للسجن سبع سنوات.
ان المعيار الدولي لحماية حرية التعبير يمنع تجريم الكلام والنشر،وان كان لابد من تجريم بعض انواع الكلام فلا يجوز فرض عقوبات اقسى من الغرامات المالية او العقوبات البديلة،دون العقوبات المقيدة للحرية كالحبس والسجن.
ان قسوة العقوبة في المادة المطعون فيها تهديد اخر لحرية التعبير،لان تلك العقوبة البالغة القسوة ترهب المعبرين عن ارائهم،خصوصا مع صياغتها الفضافضة المرنة غير المحددة.
سابعا:-منع اقامة الدعاوى حسب المادة 226 ق.ع الا باذن:-
ان المدير الاداري لسلطة الائتلاف المؤقتة بموجب القسم(2-2) من الامر 7 لسنة 2003 منع اقامة الدعوى في الجرائم المرتبطة بالنشر،وجرائم اخرى،منها المادة 226 ق.ع،الا باذن خطي منه،لانها انتهاك لحرية التعبير،تمهيدا لالغائها لاحقا،وبدل الغائها اعيد العمل بها بموجب امر اعادة العمل بعقوبة الاعدام رقم 3 لسنة 2004.
ثامنا:-حرية التعبير من المبادئ الدستورية الاساسية التي لا يجوز المساس بها:-
ان الدستور العراقي لعام 2005 اعتبر حرية التعبير وحريات النشر والصحافة والطباعة والاعلام من الحريات التي لا يجوز المساس بها بالتعديل بموجب المادة 126/ثانيا لانها من المبادئ الاساسية حيث نصت:- (لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول،والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناءاً على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام)
ان هذا النص يعطي صورة عن اهمية واساسية الحقوق والحريات التي حصنها الدستور ومنع المساس بها الا بعد دورتين،وبالية معقدة وصعبة جدا،فكيف-اذن- يمكن القبول بنص قانوني متوارث من النظام الاستبدادي السابق لتقييد احد اهم الحريات الدستورية والمبائ الاساسية البالغة الحساسية؟
تاسعا:-ان نص المادة 226 ق.ع يخرق التزامات العراق الدولية التي صادق عليها:-
1-ان المعايير الدولية لحرية التعبير والنشر والاعلام والطباعة ملزمة للعراق من خلال مصادقته على الكثير من المواثيق الدولية منها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي توجب صيانة وكفالة حرية التعبير وتمنع من تبنى نصوص قانونية تقيدها او ترهب المعبرين عن ارائهم.
2-ان نص المادة 226 ق.ع يعارض التزام العراق بموجب المادة(13)من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها بالقانون رقم 35 لسنة 2007 بقولها:- (احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها.)
ان تكميم الافواه بحجة منع او تجريم(اهانة السلطات)حماية للفساد من(حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها)التي اوجب نص الاتفاقية كفالته وحمايته.
عاشرا:-قيام المصلحة الشخصية للطعن بدستورية المادة 226 ق.ع قائم بالحكم على المدعي الاول القاضي المتقاعد رحيم العكيلي بالحبس وفقا تلك المادة:-
لقد حكم على موكلنا(المدعي رحيم حسن العكيلي) بالحبس لمدة سنة غيابيا من محكمة جنايات الكرخ بالعدد 882 /ح3/ 2021 في 9 / 6 / 2021 وفق المادة 226 ق.ع وقد توسعت المحكمة في تفسير المادة توسعا يعد تقييدا وتهديدا خطيرا لحرية التعبير والنشر والاعلام والصحافة والطباعة وفق الاتي:-
1-لقد حكمت موكلنا بحجة اهانة حكومة السيد المالكي بعد انتهاء ولايتها،اي انها ذهبت الى ان اهانة الحكومة لا يقتصر على الحكومة القائمة بل يمتد لحماية الحكومات الميتة او المنتهية الولاية اي ان الاهانة قد تقع على حكومة قائمة وقد تقع على حكومة منتهة الولاية بعد انتهاء ولايتها، وهذا تفسير يعني ان اهانة حكومات صدام او حكومة عبد الكريم قاسم او حكومة نوري السعيد او حتى الحكومات العباسية والاموية امر مجرم وفق المادة 226،لان المادة 226 تحمي الحكومات المنتهية الولاية من الاهانة ايضا ولو وقعت بعد انتهاء ولايتها.
2-لقد حكم على موكلنا بالحبس بحجة اهانة السلطات بسبب تقديمه اخبار عن جرائم وقعت حينما كان السيد نوري المالكي رئيسا لمجلس الوزراء،وطلب اجراء التحقيق فيها لتحديد مسؤوليته عن تلك الجرائم، فهل يعد الاخبار عن الجرائم(اهانة للحكومة) وهل طلب التحقيق لتحديد مسؤولية المالكي عن تلك الجرائم يعد اهانة للحكومة وهل السيد المالكي هو الحكومة؟؟ اذا كان الاخبار عن الجرائم(اهانة) فأن جميع الاخبارات تعد اهانات للمخبر عنهم اجمعين!!! وهو مما لا يمكن ان يقبل به او يتبناه لانه يخرق حق العراقيين في التقاضي والاخبار وطلب اجراء التحقيق.
ان القصد من الاشارة هنا الى اجتهاد محكمة جنايات الكرخ لا يقصد منه مناقشة حكمها ضد القاضي المتقاعد رحيم العكيلي،بل يقصد منه الاشارة الى مرونة النص،ووجود امكانية كبيرة فيه ليكون تهديدا حقيقا ضد المعبرين عن ارائهم ، لان توسع القضاء الجنائي- في اي بلد- في تفسير مثل هذا النص العقابي يؤكد انه قد يمكن ان يكون اداة لقمع الحريات من خلال صياغته المرنة وعباراته الفضفاضة،مما يؤكد واقعية القول بتهديد هذا النص القانوني لحرية التعبير وحريات النشر والصحافة والاعلام والطباعة.
ان الحكم على موكلنا المدعي(القاضي المتقاعد رحيم العكيلي)يؤكد المصلحة الشخصية-التي يتطلبه النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا- في طلب الحكم بعدم دستورية المادة 226 ق.ع التي حكم موكلنا عنها.
الطلبات:-
لكل ما تقدم ،، نطلب دعوة المدعى عليه للمرافعة،والحكم بعدم دستورية المادة 226 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل لمخالفتها نص المادة 38 من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 لانها تنتهك حرية التعبير عن الرأي،وحريات الصحافة والنشر والطباعة والاعلام ..
ولكم فائق الاحترام والتقدير …
الادلة الثبوتية:-
• حكم ادانة المدعي رحيم العكيلي وقرار العقوبة 882 /ج3 / 2021
• راي منظمة العفو الدولية بشتم السلطات.
2

Facebook Comments Box